هل تعلم أن هناك أربع غدد صغيرة بحجم حبة الأرز خلف الغدة الدرقية، تتحكم بشكل رئيسي في توازن الكالسيوم في الجسم؟ إنها الغدة الجار درقية.
اضطراب هذه الغدد قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل ارتفاع أو انخفاض مستويات الكالسيوم، مما يسبب أعراضًا مثل التشنجات، فقدان العظام، واضطرابات في وظائف الجسم المختلفة.
في المقال نستعرض بالتفصيل مكان الغدة الجار درقية، وظائفها، أسباب اضطراباتها، وأحدث طرق العلاج المتوفرة.
ما هي الغدة الجار درقية؟
غدة جار درقية هي جزء من جهاز الغدد الصماء في الجسم، وهي عبارة عن أربع غدد صغيرة تقع خلف الغدة الدرقية. على الرغم من صغر حجمها، إلا أن لها دورًا بالغ الأهمية في الحفاظ على توازن الكالسيوم والفوسفور في الدم. تقوم هذه الغدد بإفراز هرمون الباراثورمون (PTH) الذي يساعد في تنظيم مستويات الكالسيوم، مما يؤثر بشكل مباشر على صحة العظام والعضلات والأعصاب.
مكان الغدة الجار درقية
توجد الغدد الجار درقية في الجزء الخلفي من الغدة الدرقية، على جانبي الرقبة. وعلى الرغم من قربها من الغدة الدرقية، إلا أن وظيفتها تختلف تمامًا عنها، حيث تعمل بشكل مستقل للحفاظ على مستويات الكالسيوم في الدم عن طريق التحكم في امتصاصه من الأمعاء، إفرازه عن طريق الكلى، وإطلاقه من العظام عند الحاجة.
أعراض خمول الغدة الجار درقية
عندما تفشل الغدد الجار درقية في إنتاج كميات كافية من هرمون PTH، ينخفض مستوى الكالسيوم في الدم، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض التالية:
- تشنجات عضلية حادة
- تنميل في الأطراف والوجه
- اضطرابات في ضربات القلب
- الشعور بالتعب والضعف العام
- جفاف الجلد وضعف الأظافر والشعر
- فقدان كثافة العظام وزيادة خطر الكسور
أسباب ارتفاع نسبة الغدة الجار درقية
يحدث فرط نشاط الغدة الجار درقية نتيجة زيادة إفراز هرمون PTH، والذي يتحكم في مستويات الكالسيوم والفوسفور في الدم. ومن أهم أسبابه:
- أورام الغدة الجار درقية (الخبيثة والنادرة): في حالات نادرة جدًا، قد يكون السبب سرطان الغدة الجار درقية، والذي يؤدي إلى ارتفاع مفرط وخطير في مستويات الكالسيوم والهرمون.
- ورم الغدة الجار درقية الحميد: يعد السبب الأكثر شيوعًا، حيث يؤدي وجود ورم حميد في واحدة من الغدد إلى زيادة إفراز الهرمون. هذه الأورام عادة ما تكون صغيرة بحجم حبة البازلاء ولكن تأثيرها كبير.
- الأمراض المزمنة في الكلى: تؤدي أمراض الكلى المزمنة إلى انخفاض قدرة الكلى على تنظيم الكالسيوم والفوسفور، مما يدفع الغدة الجار درقية إلى إفراز كميات أكبر من الهرمون.
- نقص فيتامين D: يساعد فيتامين دال في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء، وعند نقصه، تعوض الغدة الجار درقية ذلك بزيادة إفراز PTH.
- اضطرابات الغدد الصماء: بعض الحالات النادرة مثل متلازمة الأورام الغدية الصماء المتعددة (MEN) تؤدي إلى فرط نشاط الغدة الجار درقية بسبب خلل وراثي.
أعراض ورم الغدة الجار درقية
عند وجود ورم في الغدة الجار درقية، سواء كان حميدًا أو نادرًا ما يكون خبيثًا، تظهر مجموعة من الأعراض نتيجة ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم، وتشمل:
- مشاكل الجهاز العصبي: الشعور بالإرهاق المزمن، فقدان التركيز، الاكتئاب، والقلق.
- التشنجات والضعف العضلي: في بعض الحالات، قد يحدث تشنجات عضلية وألم في المفاصل نتيجة اضطراب توازن الكالسيوم والفوسفور في الجسم.
- اضطرابات الجهاز الهضمي: الغثيان، الإمساك، وانخفاض الشهية بسبب ارتفاع مستويات الكالسيوم في الجسم.
- مشاكل القلب والأوعية الدموية: يؤدي ارتفاع الكالسيوم إلى ارتفاع ضغط الدم واضطرابات في ضربات القلب.
- اضطرابات الكلى: زيادة الكالسيوم في البول قد تؤدي إلى تكوين حصوات الكلى، مما يسبب ألمًا شديدًا في البطن والجوانب.
- مشاكل في العظام: فقدان كثافة العظام بسبب إفراز مفرط لهرمون PTH، مما يؤدي إلى هشاشة العظام والكسور المتكررة.
النسبة الطبيعية لهرمون الغدة الجار درقية
يتم قياس مستوى هرمون PTH في الدم لمعرفة ما إذا كان هناك فرط أو قصور في نشاط الغدة الجار درقية. المعدلات الطبيعية هي:
📌 النسبة الطبيعية لهرمون PTH:
- 10 – 65 بيكوغرام لكل ملليلتر (pg/ml)
- إذا كانت النسبة أعلى من 65 بيكوغرام/مل، فهذا يشير إلى فرط نشاط الغدة الجار درقية.
- إذا كانت النسبة أقل من 10 بيكوغرام/مل، فقد يكون هناك قصور في الغدة الجار درقية.
💡 الفحص والتشخيص:
- تحليل PTH في الدم لمعرفة مستوى الهرمون.
- المسح الذري للغدة الجار درقية لمعرفة ما إذا كان هناك ورم أو تضخم في الغدة.
- فحص الكالسيوم والفوسفور في الدم لتحديد تأثير الغدة الجار درقية على توازن المعادن في الجسم.
علاج الغدة الجار درقية
يعتمد علاج اضطرابات الغدد الجار درقية على سبب المشكلة ومدى تأثيرها على الجسم، وتشمل الخيارات العلاجية ما يلي:
علاج الغدة الجار درقية
1. علاج فرط نشاط الغدة الجار درقية
✅ المراقبة والمتابعة: إذا كان فرط النشاط بسيطًا ولم يسبب أعراضًا خطيرة، قد يتم مراقبة الحالة من خلال تحليل الدم المنتظم ومتابعة مستويات الكالسيوم والهرمون.
✅ العلاج الدوائي: بعض الأدوية مثل سيناكالسيت (Cinacalcet) تساعد في تقليل إفراز هرمون PTH وبالتالي تقليل الكالسيوم في الدم. مكملات فيتامين D إذا كان هناك نقص يؤثر على مستويات الكالسيوم.
✅ الجراحة (استئصال الغدة الجار درقية المتضخمة): إذا كان هناك ورم حميد أو تضخم كبير، يتم إجراء جراحة لإزالة الغدة المتضخمة، مما يساعد في استعادة التوازن الطبيعي. في حالات سرطان الغدة الجار درقية (النادرة جدًا)، يتم استئصال الورم بالكامل لمنع انتشاره.
✅ العلاج الإشعاعي والمسح الذري: في بعض الحالات النادرة، يمكن استخدام المسح الذري لتحديد الغدة المتضخمة قبل الجراحة. العلاج الإشعاعي قد يُستخدم في حالات الأورام الخبيثة.
2. علاج قصور الغدة الجار درقية
✅ مكملات الكالسيوم وفيتامين D: إذا كان هناك نقص في إفراز الهرمون، يتم تعويض الكالسيوم من خلال المكملات. فيتامين D يساعد على امتصاص الكالسيوم من الطعام ويمنع انخفاض مستوياته في الدم.
✅ الهرمونات البديلة: في بعض الحالات، يتم إعطاء هرمون PTH الصناعي لتعويض نقص الإفراز.
متى يجب زيارة الطبيب؟
إذا كنت تعاني من أعراض غير مفسرة مثل ضعف العضلات، فقدان الوزن غير المبرر، التشنجات المتكررة، أو مشاكل في العظام، فمن الضروري استشارة طبيب متخصص في الغدد الصماء، للحصول على تشخيص دقيق وعلاج فعال باستخدام أحدث التقنيات.
وأخيرا، الغدة جار الدرقية تلعب دورًا حيويًا في تنظيم مستويات الكالسيوم في الجسم، وأي اضطراب في وظيفتها قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة.
التشخيص المبكر والعلاج الفعال يمكن أن يجنّبك المضاعفات الخطيرة. مع التقدم الطبي، أصبحت هناك حلولًا آمنة وفعالة لعلاج اضطرابات الغدة الجار درقية. إذا كنت تعاني من أي أعراض، لا تتردد في استشارة الطبيب لتحديد الخيار العلاجي المناسب لحالتك.
